الباعة على ابواب المدارس

كانت طفولتنا مليئة بالذكريات الجميلة التي كلما ذكرناها حنينا لها لما فيها من امور افتقدناها في زماننا الحاضر
ومن تلك الذكريات الباعة على ابواب المدارس في المرحلة الابتدائية
ومن هؤلاء الباعة بياع اللقيمات وكنا نسميها (اللنقطة) فتراه باسط امام المدرسة وواضع كوم اللنقطة في تبسي كبير ويغطيها بقماش ابيض قد تاثر لونه بالزيت اللاصق بتلك اللقيمات وامام التبسي وعاءان
الاول فيه سلطة خضراء والاخر فيه شيرة وياتتي الزبون الصغير حال انصرافه من المدرسة وياكل من هذه النعمة وتتداخل الايادي على وعاء الصلطة وربما سقط شيء منها في وعاء الشيرة وبعد الانتها من الاكل يقدم للبايع قريشين سوء اكل بقدرها او باكثر منها والبائع ياخذ القرشين ويقول بالعافية وهنا وشفا

ومن البائعين ايضا بياع الماسية وتسمى (اقر) وهي ماسية على شكل قوالب يضعها البائع في وعاء صغير فيخبطها بملعقه حتى تختلط بعضها ببعض ويصب عليها من شراب التوت الموضوع في براد كبير لم اشاهد مثله في القهاوي وكان كل قطعة بقرشين ولا يستطيع الزبون الصغير اخذ شيء دون علم البائع
فيدفع بقدر ما ياكل

ومنهم ايضا بياع الشربيت والذي يضعه في وعاء كبير من الزجاج ويكون باردا من قطع الثلج التي يضعها في ذلك الوعاء ويكون اما شراب الليمون او شراب البرتقال وتشاهد القطع بداخل الاناء

ومنهم ايضا بياع (حلاوة مطو) وعدة البائع اشياء تقليدية تتكون من عود من الخشب في اعلاه قاعدة طباخة يوضع بداخلها احجار ويلف الحلاوة على ذلك العود بطريقة دائرية ويغطيها بقطعة من القماش وعندما ياتي المشتري ياخذ من طرف الحلاوة ويهز العود فتحدث الحجارة جلبة واصوات فيقطع البائع
قطعة الحلاوة وكانها حبل فيتبادر الى ذهن الطفل ان تلك الحلوى لم تخرج الا بهز ذلك العود ولتلك الاصوات دور في ذلك

ومن الباعة ابيضا الحجات الافريقيات وكانوا يبيعون اللوز والفصفص وثمرة الدوم منه ماهو مقشر ومنه غير ذلك ولكل منهم سعر وكذلك يبيعون حلاوة باكورة والدقة الحمراء المخلوطة بالفلفل والسويق والحمر
المطبوخ بالسكر والمنفوش واشياء اخرى

ومن الامور الاخرى صاحب صندوق الفرجه وهو مثل صندوق الدنيا وكان يجلس الطفل يتفرج على صور تتحرك يدويا تحتوي على رسومات لطرزان وسوبر مان وغيرها

ومن الاهمية بمكان ان نشير الى ان تلك الاطعمة التي كانت تباع رغم تدني مستوى النظافة إلا انه لم نسمع من مرض من اكلها وذلك لاسباب عدة منها
قوة الاجسام التي كانت في السابق لان كل شيء طبيعي ولم تدخل الامور المصنعة او الصبغات او النكهات وكان الناس يمشون كثيرا وينامون في الهواء الطلق وكانوا يعرقون كل ذلك ينعكس على صحة الجسد
والامر الاخر هو التوكل على الله فكان الناس لا يدخلهم الوهم والوسواس ويقول لك خليها على الله وهناك مثل مكي جميل هو ( خذ من عبدالله واتوكل على الله )ومن توكل على الله كفاه
وكذلك بركة الله لهذا البلد ومن عاش على ترابه وهي ما كنا في السابق نتلمسه في جميع امورنا والحمد لله
تلك صورة من صور كثيرة كانت ولا تزال عالقة في اذهان الكثير من امثالي